کد مطلب:109741 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:294

خطبه 023-در باب بینوایان











ومن خطبة له علیه السلام

وتشتمل علی تهذیب الفقراء بالزهد وتأدیب الاغنیاء بالشفقة

تهذیب الفقراء

أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأَمْرَ یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ إِلَی الْأَرْضِ كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَی كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا مِنْ زِیَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فإِنْ رَأَی أَحَدُكُمْ لِأَخِیهِ غَفِیرَةً فی أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَلاَ تَكُونَنَّ لَهُ فِتْنَةً، فَإِنَّ المَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ یَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ فَیَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتْ، وَیُغْرَی بهَا لِئَامُ النَّاسِ، كانَ كَالْفَالِجِ الیَاسِرِ الَّذِی یَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ مِنْ قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَغْنَمَ، وَیُرْفَعُ بَهَا عَنْهُ المَغْرَمُ. وَكَذْلِكَ الْمَرْءُ المُسْلِمُ البَرِیءُ مِنَ الْخِیَانَةِ یَنْتَظِرُ مِنَ اللهِ إِحْدَی الحُسْنَیَیْنِ: إِمَّا دَاعِیَ اللهِ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَیْرٌ لَهُ، وَإِمَّا رِزْقَ اللهِ فَإِذَا هُوَ ذُوأَهْلٍ وَمَالٍ، وَمَعَهُ دِینُهُ وَحَسَبُهُ. إِنَّ المَالَ وَالْبَنِینَ حَرْثُ الدُّنْیَا، وَالعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الاْخِرَةِ، وَقَدْ یَجْمَعُهُمَا اللهُ لاَِقْوَام، فَاحْذَرُوا مِنَ اللهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَاخْشَوْهُ خَشْیَةً لَیْسَتُ بَتَعْذِیر، وَاعْمَلُوا فی غَیْرِ رِیَاء وَلاَ سُمْعَة; فَإِنَّهُ مَنْ یَعْمَلْ لِغَیْرِ اللهِ یَكِلْهُ اللهُ إِلَی مَنْ عَمِلَ لَهُ. نَسْأَلُ اللهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَمُعَایَشَةَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الاَْنْبِیَاءِ.

تأدیب الاغنیاء

أَیُّهَا النّاسُ، إِنَّهُ لاَ یَسْتَغْنِی الرَّجُلُ ـ وَإِنْ كَانَ ذَا مَال ـ عَنْ عَشِیرَتِهِ، وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَیْدِیهِمْ وَأَلسِنَتِهمْ، وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَیْطَةً مِنْ وَرَائِهِ وَأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ، وَأَعْطَفُهُمْ عَلَیْهِ عِنْدَ نَازِلَة إنْ نَزَلَتْ بِهِ. وَلِسَانُ الصِّدْقِ یَجْعَلُهُ اللهُ لِلْمَرْءِ فی النَّاسِ خَیْرٌ لَهُ مِنَ المَالِ: یُورِثُهُ غیرَهُ. و منها: أَلاَ لاَیَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ القَرَابِةِ یَرَی بِهَا الخَصَاصَةَ أنْ یَسُدَّهَا بِالَّذِی لایَزِیدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَلاَ یَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ، وَمَنْ یَقْبِضْ یَدَهُ عَنْ عَشِیرَتِهِ، فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ یَدٌ وَاحِدَةٌ، وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَیْد كَثِیرَةٌ; وَمَنْ تَلِنْ حَاشِیَتُهُ یَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ المَوَدَّةَ. قال السید الشریف: أقول: الغفیرة ها هنا الزیادة والكثرة من قولهم للجمع الكثیر: الجم الغفیر. و یروی « عِفْوة من أهل أو مال » والعِفْوة: الخیار من الشیء یقال: أكلت عِفْوةَ الطعام أی خیاره. وما أحسن المعنی الذی أراده علیه السلام بقوله: «ومن یقبض یده عن عشیرته...» إلی تمام الكلام، فإن الممسك خیره عن عشیرته إنما یمسك نفع ید واحدة; فإذا احتاج إلی نصرتهم، واضطر إلی مرافدتهم، قعدوا عن نصره، وتثاقلوا عن صوته، فمنع ترافد الأیدی الكثیرة، وتناهض الأقدام الجمة.